
تلخيص:
تستمدّ مدوّنة الأسرة المغربية مكانتها داخل المجتمع المغربي، من أنّها تقنّن حياتهم وعلاقاتهم الأسرية، وما يزيد من أهميتها أنّ جلّ موضوعاتها منظّمة بنصوص دينية قرآنية أو مأخوذة من السنة النبوية، وبعضها من اجتهادات الفقه الإسلامي المالكي. من هنا فأيّ تعديل أو نقاش يطال المدونة ككلّ أو بعض موادّها، يجلب الكثير من الاهتمام، على المستوى الشعبي، الإعلامي، الفقهي، وحتى على المستوى السياسي والقانوني، وبين النخب الفكرية والمثقفة من مختلف التيارات. البعض يطالب بالتطبيق التامّ والكامل والحرفي لنصوص الدين، وجعلها قوانين كما هي في النصوص، والبعض الآخر يرى ضرورة احترام النصوص الدينية مع ملحاحية تكييفها مع مقتضيات وضرورات العصر، والركون إلى الاجتهاد الفقهي، وأخيراً فريق آخر يرى ضرورة فصل حياة الناس عن الدين بشكل تامّ، كامل وقطعي. في حين أنّ الدولة المغربية في شخص أعلى هرمها، وهو ملك محمد السادس باعتباره أمير المؤمنين، صرّح في خطاب له بمناسبة عيد العرش سنة 2022، على أنّه لن يحلّ حراماً أو يحرّم حلالاً. من هنا نحاول في هذا المقال إبراز الجدلية التي تطرحها هذه التعديلات المراد إنجازها في مارس 2024، حيث يطرح السؤال الاستشكالي أو لنقل المفارقة بين ضرورة تفعيل الاجتهاد الفقهي من الناحية الشرعية لتلائم المدونة حاجيات الناس في هذا العصر، وإشكالية وجود تقييدات قانونية على أمور أباحها الشرع الإسلامي مثل رخصة تعدّد الزوجات.
الكلمات المفاتيح: مدونة الأسرة المغربية- التعديلات- الاجتهاد الفقهي- التقييد القانوني.
Discussion of amending the Moroccan Family Code between the challenge of responding to the changes of “modern” society, and the bet on preserving the Islamic reference.
Dr. Yassine El AMIRI.
University Hassan II- Casablanca.
Abstract:
The Moroccan Family Code derives its position within Moroccan society from the fact that it codifies their lives and family relationships. What increases its importance is that most of its topics are organized by Qur’anic religious texts or taken from the Sunnah of the Prophet, and some of them are from the jurisprudence of Maliki Islamic jurisprudence. Hence, any amendment or discussion affecting the code as a whole or some of its articles attracts a lot of attention, at the popular, media, jurisprudential, and even political and legal levels, and intellectual elites from various currents. Some demand the complete and literal application of religious texts, and making them laws as they are in the texts. Others see the necessity of respecting religious texts with the urgency of adapting them to the requirements and necessities of the present time, and relying on jurisprudence. Finally, another group sees the necessity of completely separating people’s lives from religion. And cut it off. While the Moroccan state, in the person of the king of the country as the Commander of the Faithfuls, declared in his sermon that he would not permit what is forbidden or prohibit what is permissible. Hence, we try in this article to highlight the controversy raised by these amendments that are intended to be implemented in March 2024, where the problematic question arises, or let us say the paradox, between the necessity of activating jurisprudence from a legal perspective so that the code suits the needs of people in this era, and the problem of the existence of legal restrictions on matters permitted by Islamic law. Such as a polygamy license.
Keywords: Moroccan Family Code – amendments – jurisprudence – legal restriction.
المقدمة:
جاءت مدونة الأسرة الحالية التي تبناها المغرب سنة 2004، على أنقاض مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957، وكانت هناك تعديلات طالتها بتاريخ 10 شتنبر سنة 1993، استجابة لمطالب الحركة النسائية المغربية، وبعض الأحزاب ذات التوجه “الحداثي” و”التقدمي”، كما يصفها الإعلام، ومن باب التذكير فإنّ مدونة الأسرة الحالية جاءت نتيجة مخاض ليس بالسهل، بدأ عمليا مع ما يعرف بخطّة دمج المرأة في التنمية سنة 1998 في ظلّ حكومة التناوب. ومن ذلك التاريخ إلى إقرار المدونة في شكلها الحالي سنة 2004، وقع في المغرب نقاش مجتمعي معمّق، سواء بين النخب المثقفة والفكرية، أو بين مختلف الحساسيات والتوجهات السياسية، والحركات الاجتماعية، ومكوّنات المجتمع المدني، وبين الفقهاء وعلماء الدين، بل بين أفراد الشعب وداخل الأسر المغربية، فتعدّدت الآراء بين من رآها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو مجتمع الحداثة والتقدم، ومن رآها ناقصة وغير كافية ولا ترقى إلى حجم التحولات الاجتماعية التي طرأت على المغرب، ومن رآها جريئة وجيدة، ومن قابلها بتحفّظ، ورآها قد اجترأت على الدين، وبالتالي خطوة في طريق تغريب المجتمع المغربي وعدم احترام خصوصياته الثقافية والدينية… إلى آخره من الآراء المختلفة، وأحياناً المتضاربة.
هذا النقاش لم ينقطع بإقرار المغرب لمدونة الأسرة 2004، حيث استمرّت الحركة النسائية المغربية، وبعض الأحزاب “العَلمانية” و”الإسلامية المعتدلة”، وبعض الجمعيات، والمثقفين رجالاً ونساءً، بالمطالبة بتعديل المدونة وإجراء تغييرات، لم تستجب لها المدونة الحالية من وجهة نظرهم، لكنهم يختلفون في رؤيتهم للتغيير سواء في فلسفته وجوهره أو طريقته وآلياته.
من هذا المنطلق، ومن باب التفاعل مع هذه المطالبات، وبصفة عامّة من باب التعبير عن اهتمامه بقضايا المرأة والأسرة، أعلن الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة 2022 عن قراره بتعديل مدونة الأسرة،[1] وأعطى للحكومة في بلاغ للديوان الملكي بتاريخ 26 شتنبر 2023،[2] مهلة ستّة أشهر لإعادة النظر في المدونة ورفع التوصيات إليه نهاية فبراير 2024، مع الإسناد المشترك والجماعي لمسؤولية هذا الإصلاح، حيث تشارك فيه وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، نظراً للأبعاد القانونية والقضائية للموضوع، وأيضاً المجلس العلمي الأعلى نظراً للبعد الديني والفقهي للموضوع، وكذلك المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والوزارة المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والانفتاح على هيئات وفعاليات المجتمع المدني، لأنّ للبعد بعده الحقوقي (حقوق المرأة والطفل)، وبعده الأسري والاجتماعي، وأخيرا الانفتاح على دراسات الباحثين والمختصين لأنّ رأي العلم والفكر أيضاً مهمّ في المسألة.
وقد ارتبطت هذه المساعي مثلاً بجدل وقع في المغرب في ذات الفترة الزمنية، والذي عرف إعلاميا بجدل “زواج الموظّفات”، والذي غزا وسائل التواصل الاجتماعي، والمنصات الإعلامية المغربية، العربية، والدولية، وأعاد نقاش التحولات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع المغربي، وعمل المرأة، ومكانتها في المجتمع… الخ.
ومن هنا جاءت أهمية الموضوع، فهذه التعديلات تستجيب لنقاشات موسعة داخل المجتمع المغربي، بدءً من الفئات الشعبية، وصولاً للنخب المثقفة، والأحزاب السياسية، والجمعيات، وغيرهم من أطياف المجتمع، ممّا يجعل عنصري الجِدّة والراهنية حاضرين في هذا المقال.
أمّا الهدف الرئيسي للمقال، فهو المشاركة العلمية، البحثية، والأكاديمية كباحث مغربي متخصّص في سوسيولوجيا الدين والسياسة، في هذا النقاش الدائر حول تعديل مدوّنة الأسرة، من خلال تناول الموضوع وفق استحضار ماضي التعديلات والمناقشات التي رافقتها، وقراءة الحاضر وفق النقاشات الحالية، وكذلك بنوع من الاستقراء للمستقبل القريب. وطبعاً سنحاول الإدلاء بدلونا بتقديم مقترحات وتوصيات في خاتمة المقال.
وبخصوص الصعوبة التي وجدها الباحث في معرض كتابة هذا المقال، هي ندرة وشُحّ المعلومات عن التعديلات المرتقبة، إلا ما وجدناه من مقالات إعلامية وتصريحات تخصّ هذا الأمر، وخاصّة لأنّ التعديلات قيد النقاش، والورش جاري، بما يفيد أنّ الباحث في الأمر لا يجد بين يديه مراجع واضحة وبمنهج ومنهجية علمية واضحتين، ولأنّ المقال هدفه بالأساس المشاركة في النقاش الدائر وقت تحرير المقال، أي يستند على معلومات حالية وأخرى استشرافية.
وبالتالي تكون إشكالية المقال على الشكل التالي:
- إلى أيّ حدّ قد تستجيب التعديلات المزمعة لمدوّنة الأسرة للتحوّلات التي وقعت على صعيد المجتمع المغربي، وبالتالي للمطالبات بتعديلها، وهل يمكن تكييف تعديلات مدوّنة الأسرة المرتقبة وملاءمتها مع سياقها السوسيو- ثقافي المغربي، بمراعاة الاجتهاد الفقهي دون التقييد القانوني لما يسمح به الشرع الإسلامي؟
وبالنسبة للفرضيات الممكنة للإجابة عن إشكالية المقال:
- إنّ تعديلات مدونة الأسرة المرتقبة قد تستجيب كليا للتحولات بالمجتمع المغربي وللمطالبات بالتغيير.
- إنّ تعديلات مدونة الأسرة المرتقبة قد لا تستجيب بتاتا للتحولات بالمجتمع المغربي وللمطالبات بالتغيير.
- إنّ تعديلات مدونة الأسرة المرتقبة قد تستجيب جزئيا للتحولات بالمجتمع المغربي وللمطالبات بالتغيير.
- إنّ تعديلات مدونة الأسرة المرتقبة ستحترم ثقافة المجتمع المغربي وفي نفس الوقت ستقدّم قراءات مجتهدة للنصوص الدينية تراعي واقع الناس وحدود العصر.
- إنّ تعديلات مدونة الأسرة المرتقبة ستقدّم قراءات عَلمانية وميالة للنمط السوسيو ثقافي الغربي.
- إنّ تعديلات مدونة الأسرة المرتقبة ستجد حلولاً لإشكال التقييد القانوني لأمور سمح بها أو رخّص لها الشرع الإسلامي وقيّدتها مدوّنة الأسرة كتعدّد الزوجات.
نقترح للإجابة عن إشكالية المقال التصميم التالي:
المبحث الأول: سياق التعديلات المرتقبة: ما بين نقاش العوامل المحرّكة وجدل الأهداف المتوخاة.
بدأ مجلس النواب المغربي في مارس 2023 مناقشة إمكانية تعديل قانون الأسرة الصادر منذ ما يقرب من عشرين عامًا، والمعروف باسم ”المدوَّنة“، بغية خلق توازن بين ”التعاليم الإسلامية وواقع المجتمع المغربي الحديث“، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام المغربية. وتأتي النقاشات البرلمانية في أعقاب تجمع شعبي في الدار البيضاء نظمته ثماني جمعيات نسائية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة للمطالبة بإصلاحات تشريعية لحماية حقوق المرأة بشكل أفضل، بما في ذلك ما الأمور المتعلقة بالميراث والإجهاض.[3]
وعلى الرغم من أن المدونة أدخلت عددًا من الأحكام العصرية عندما اُعتمدت لأول مرة في يناير 2004 لتحل محل قانون الأحوال الشخصية لعام 1958، لا يزال هناك عددًا من الإشكاليات في المبادئ التي ترسخها، وآلية تفسيرها وتنفيذها.[4]
وأكد وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي في مايو 2023 التزامه بالقيام بإصلاحات جديدة، وصفها بأنها المعركة الأخيرة لإنهاء ما أسماه “إقصاء وسوء معاملة النساء المتراكم في البلاد منذ سنوات”.[5]
نخلص مما سبق إلى وجود عاملين رئيسيين وراء التعديلات الجديدة المرتقبة، ويُتَوَخّى من هذه التعديلات على الأقل في تقديرنا ثلاثة أهداف.
فبالنسبة للعاملين الرئيسيين “المعلن عنهما- المحرّكين لهذه التعديلات الجديدة، نرى أنّ أوّلهما يكمن في رغبة الدولة الواضحة والبيّنة في إجراء هذه التعديلات، وقد عبّر عن ذلك أكبر مسؤول في الدولة المغربية، وهو الملك محمد السادس، كما أشرنا لذلك في مقدّمة هذا المقال، وكذلك التصريحات التي أدلى بها الوزير المسؤول عن قطاع العدل في الحكومة المغربية الحالية، سواء داخل البرلمان، أو في لقاءات وخرجات إعلامية مختلفة. ثمّ بالإضافة إلى رغبة الدولة، هناك العامل الثاني وهو ضغط الحركات النسائية، التي تخرج للشارع للمطالبة بتعديلات في رأيها أكثر إنصافاً للمرأة.
ويمكن أن نضيف – في تقديرنا- عاملاً ثالثاً لا يتمّ الإفصاح عنه، وهو تأثير وضغط الهيئات والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية للدّفع نحو تبنّي إجراءات “ملموسة” لتحسين وضعية النساء بالمغرب، وفق مقاربة النوع الاجتماعي أو الجندر.
غير أنّ مطالبة الحركات النسائية “الحداثية” منها وبدرجة أقلّ “الإسلامية”، نزعم أنّها لا تمثّل غالبية المجتمع المغربي، فهذه المطالبات التي تعبّر عنها تلك الحركات كشكل نضالي أو ترافعي كما تراه هي، وتقوم به في حراك مناسباتي يتكرّر بشكل قارّ في الثامن مارس من كلّ سنة، تزامناً مع اليوم العالمي للمرأة، وأحياناً في مناسبات أخرى ومواعيد غير قارة، حسب الأحداث أو غير ذلك، في كلّ مرةّ تثبت أنّها لا تحظى بتأييد العدد الهائل من الناس داخل المجتمع المغربي، ويدعم ذلك في زعمنا العدد غير الحاشد لأعداد المتظاهرات. ومردّ ذلك كما نزعم أنّ التمثلات الاجتماعية لتلك الحركات ونضالها تجعلها في موضع الاتهام في المخيال الجمعي لدى غالبية الشعب المغربي، حيث لا يزال ينظر لها بأنّها “غريبة وشاذّة ومعزولة”، يجعلها أقرب إلى الوصم والنبذ وعنف التمثلات، فهي في رأي العوامّ وبعض المثقفين المعارضين، تعمل وفق أجندات وتمويل خارجيين، وتهدف من خلال المناداة المستمرّة بتعديل مدوّنة الأسرة إلى سلخ الشعب المغربي عن هويته الإسلامية وتغريبه، ويدلّ على ذلك استطلاعات الرأي التي تجريها منابر إعلامية مغربية كما سنبيّن لاحقاً. والتي في مجملها لا تؤيّد التغيير الشامل للمدونة الحالية، وترفض الاقتراب من مسائل “دينية” كالمساواة في الإرث على سبيل المثال لا الحصر، وذلك لوجود آية قرآنية[6] صريحة وواضحة في هذا المقام، يصعب – في تقدري- تجاوزها أو الالتفاف عليها، وقد فسّرها ابن كثير بقوله: [إنّ الله يأمر بالعدل في الأولاد ، لأنّ أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث ، فأمر الله تعالى بالتسوية بينهم في أصل الميراث ، وفاوت بين الصنفين، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤونة النفقة والكلفة ومعاناة التجارة والتكسب وتجشم المشقة في سبيل ذلك].[7]
ما رأيناه سابقاً، يطرح وبقوّة أنّ فكرة تجاوز “المرجعية الدينية” في التعديلات المرتقبة أمر أقرب إلى الاستحالة، فالشارع المغربي وبنسبة كبيرة، لن يتقبّل هذا الأمر، لذلك تحاول بعض رائدات الحركات النسائية بالمغرب استشعاراً منهنّ لهذه الحساسية، إلى السعي لتبديد هذه المخاوف، وطمأنة المشكّكين، بالقول أنّ المرجعية الإسلامية حاضرة، لكن وجب إعمال الاجتهاد “المستنير”، وملائمة مقتضيات الشرع مع متطلبات العصر وكونية حقوق الإنسان، لكن الحركات النسائية ذات الخلفية الإسلامية، لا تتفق بتاتاً مع الحركات النسائية العلمانية، في المفاهيم والرؤى في هذا الصدد، ممّا يخلق تباعداً في تفسير مضمون الخطاب الملكي الداعي لتعديل المدونة.[8] وهو ما قد ينذر بانقسام واستقطاب حادّ للشارع بين التيارين، لا سيما أنّ وجهة النظر العلمانية – في تقديري- لم تتجاوز فقط ما جاء في خطاب الملك محمد السادس في خطابه ذلك (لن أحلّ حراماً أو أحرّم حلالاً)، بل هي منفصلة حتى عن رأي الشارع المغربي.
وبعيداً عن سجال المرجعية الإسلامية حسب رؤية الفريقين المشار إليهما، يبقى أيضاً الرهان كبيراً والنقاش محتدماً حول بعض القيود التي وضعتها المدونة الحالية على أمور يرخّصها الشرع الإسلامي، ونقصد هنا تعدّد الزوجات، فقد وضعت المدونة الحالي قيودًا على تعدد الزوجات بدون إلغاءه بشكل صريح. وألزمت الزوج بإثبات ضرورة الزواج الثاني واشترطت الموافقة القضائية على الزواج بحسب المواد 40 إلى 46.[9] وتنص المادة 41 على وجه التحديد على أن المحكمة لن تسمح بتعدد الزوجات إذا لم يثبت له المبرر ”الموضوعي الاستثنائي“ أو عندما لا يكون لدى الرجل ”الموارد الكافية لإعالة الأسرتين وضمان جميع الحقوق من نفقة وإسكان ومساواة في جميع جوانب الحياة“، كما تنص المادة 40 على منع تعدد الزوجات عندما يكون هناك احتمال عدم المساواة بين الزوجات، وتخوّل المرأة بإدراج أحكام في عقد زواجها تمنع زوجها من الزواج بامرأة ثانية.[10]
لكن، وبحسب إحدى الدراسات [11] التي تضمّنت أكثر من 75 ألف عقد زواج، تبين أن منها 87 فقط احتووا على شرط الزواج الأحادي الذي يمنع تعدد الزوجات. وبشكل عام، يُعتبر تعدد الزوجات نادر الحدوث في المغرب، فحسب الإحصاءات الرسمية لعام 2020 هناك 658 حالة تعدد فقط وهو ما يمثل نحو 0.3 بالمائة من مجموع الزيجات في الفترة المذكورة.
وللدلالة على أنّ هذا التقييد لا يسير على ما يرغبه المغاربة، سنكتفي بالإشارة إلى ما جاء في مقال[12] يمكن للقراء الاطّلاع عليه، وهو مدعوم بأرقام وإحصائيات دالّة، حيث يؤّكد بمعطيات رقمية ازدياد إقبال الرجال المغاربة على تعدد الزوجات، وعدم ممانعة نسائهم امتعدّد عليه، وكذا عدم معارضة الزوجات المتعدّد بهنّ، ففي الزواج الثاني أو الثالث أو الرابع فوائد للمجتمع، منها مثلا إيقاف تغوّل ظاهرة العنوسة بالمجتمع المغربي. فهل تتدارك التعديلات المرتقبة هذا الاختلاف بين التشديد القانوني من جهة والترخيص الإلهي وواقع الحال من جهة ثانية؟
أمّا الأهداف الثلاثة التي نرى أنّ المدونة تهدف إلى تحقيقها من وراء هذه الإصلاحات فهي:
- خلق التوازن بين تعاليم الدين الإسلامي من جهة وواقع المجتمع المغربي “الحديث”.
- إرضاء الحركات النسائية والصف الحداثي، والحرص في نفس على عدم إغضاب أو التصادم مع القوى والتنظيمات السياسية والحزبية والدعوية الدينية، لاسيما المعتدلة منها. أيضاً محاولة إنصاف المرأة وصيانة كرامة الرجل والحفاظ على حقوق الطفل.
- كسب نقاط خارجية والمزيد من الثقة والدعم من لدن الهيئات الدولية المهتمة بقضايا المرأة والطفولة، وخاصة المرأة.
المبحث الثاني: التعديلات المرتقبة على المجتمع المغربي بين الرهانات والمحذورات.
لإعطاء مثل على خطورة وجدّية الأمر فيما يتعلّق بانعكاسات التعديلات المرتقبة على مدونة الأسرة الحالية، يمكن أن نضرب مثلاً نراه ذا دلالة في هذا الصدد، فمجرّد نشر تسريبات غير مؤكّدة عن بعض التعديلات المزمع إجرائها، أحدثت ضجّة كبرى في وسائل التواصل الاجتماعي، وخلقت موجة عارمة من الاستياء والاستنكار والاستهجان والقلق، اضطرّ معه المؤيدون ل”ورش إصلاح المدونة” إلى إنكار الأمر والتبرّؤ منه، وخرج كذلك العديد ممّن يعرفون بالمؤثرين إلى نفي الأمر كذلك، مؤكّدين على مكانة الرجل الاعتبارية في الثقافة الشعبية، ومطمئنين المغاربة على أنّ المرجعية الإسلامية يضمنها الملك شخصيا بصفته أمير المؤمنين، الذي أكّد بنفسه على هذه النقطة في خطابه الداعي لمراجعة مدونة الأسرة الحالية، داعيين إياهم إلى توخّي الحذر من تلك “الحملات المغرضة الهادفة للتشويش” من طرف أطراف “محافظة ورجعية ورافضة للتغيير ومواكبة العصر”.[13]
ولمحاولة خلق مناخ مناسب ولائق للنقاش الهادئ وغير المتشنّج فيما يخص التعديلات، بشكل يتفادى انقسام المجتمع، وخصوصاً يتفادى استغلال والركوب على الموجة من طرف جماعات دينية تعتبر من منظور الدولة “محظورة”، فقد قامت الأحزاب السياسية المعترف بها في محاولة منها لإقناع الناس بضرورة التغيير – لأنّها تعي وعياً تامّاً أنّ موضوع التغييرات في موضوع له علاقة بحياة الناس الخاصّة، وبمعتقداتهم الدينية، وتمثلاتهم الاجتماعية حولها، ليس بالأمر الهيّن- لذلك رأت أن حدوث نقاش مجتمعي وتوافقات في هذا الصّدد، لا بدّ ولا مفرّ منه.
وسنضرب فقط المثال بحزب الاتحاد الاشتراكي الذي أعلن عن تبنّي مقاربة تشاركية في الموضوع، وذلك من خلال تنظيم 55 ندوة في مختلف مناطق المغرب.[14]
خاتمة:
على سبيل الختم، يمكن أن نخلص من خلال الاستقراء والاستنباط لما يكتب عن التعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة المغربية، والنقاشات الدائرة، حسب ما نطالعه في وسائل الإعلام، أو نحضره من محاضرات قليلة في الموضوع وندوات بالجامعات المغربية، أو تلك الموائد المستديرة والمؤتمرات المنظمة من طرف جمعيات مختلفة، يمكن أن نجيب على إشكالية المقال من خلال تبني فرضيتين فقط من الفرضيات المطروحة في المقدّمة، وهي أنّ التعديلات المرتقبة ستستجيب جزئياً لمطالب التعديلات، وجزئياً أيضا للتغييرات الطارئة على المجتمع المغربي “الحديث”، وذلك من خلال مراعاة السياق السوسيو- ثقافي المغربي، والذي يشكّل أحد أهم مقومات الهوية للشعب، ونقصد هنا المرجعية الإسلامية، مع مراعاة تطورات العصر والتغيرات المجتمعية فيه، وذلك بتفعيل آلية الاجتهاد من طرف أهل الاختصاص.
وعليه، فنتائج هذا المقال هي كالتالي:
- إنّ التعديلات المرتقبة يستحيل أن تتجاوز المرجعية الإسلامية للمدوّنة، أو تقفز على التعاليم الإسلامية، وخصوصاً الواردة في النصوص قطعية الدلالة، فهي من الأمور التي من شأنها أن تشكّل خطراً على هوية الشعب المغربي، ونسيجه الاجتماعي، وستجعل الدولة محطّ انتقادات كثيرة، قد تحاول بعض الحركات ذات التوجه “الإسلامي” غير المعتدل، الاستثمار فيها، والمزايدة لخلق البلبلة والقلاقل داخل المجتمع المغربي. هذا الأخير ووفق آخر ما تمكّنا الاطّلاع عليه من استطلاعات الرأي، وآخرها التي نشره موقع هسبريس، يرفض أغلب المغاربة إجراء تعديل شامل لمدونة الأسرة، بنسبة 56,57% من أصل 12110 مشارك ومشاركة في الاستطلاع.[15]
- إنّ التعديلات المرتقبة ستراعي الاجتهاد، بما يتلاءم مع التغيرات والتحولات في المجتمع المغربي “الحديث”.
- إنّ التعديلات المرتقبة ستحاول قدر الإمكان أن تكون متوازنة، بحيث تعمل على استيعاب طرح ورؤى مختلف الحساسيات المكونة للمجتمع المغربي، بشكل لا يجعلها منبوذة من طرف المجتمع المغربي، فهي ستحرص على ألا تتجاوز تعاليم الإسلام كما يطمح “الإسلاميون” وستحاول تقديم مكتسبات كما يرغب الصف “الحداثي” والحركات النسائية “التقدمية”، دون أن تكون تلك المكتسبات “ثورية” كما يرغبون.
- إنّ التعديلات المرتقبة ستحاول أن تبعث إشارات اطمئنان للخارج لنيل ثقته ودعمه في مجال المرأة والنوع الاجتماعي بالخصوص.
وأخيراً، فالتوصيات الممكن المساهمة بها هي التالية:
- المحاولة الجادّة والصادقة والمخلصة لخلق توازن بين المقاربة الحقوقية وملائمة القوانين مع حاجات الناس وعصرنة المجتمعات من جهة، والمرجعية الإسلامية التي لا يمكن بحال من الأحوال تغييبها من جهة أخرى، وهنا دور المجالس العلمية، وعلماء المغرب وأئمته وفقهائه، فالاجتهاد أمر من أمور التشريع في الإسلام. فللدين أهله والمتخصصون فيه مثل الطب والهندسة وغيرهما من العلوم والتخصصات، فالاجتهاد في الدين تفسيراً وتأويلاً أمر محكوم ومنضبط وليس متاحاً للجميع. وللقانون أهله والمتخصصون فيه،… الخ.
- تعميق النقاش والاستماع للجميع، وبالخصوص أهل الدراية والاختصاص.
- التريث وعدم التسرع، فالأسرة كيان وحصن واق للمجتمع، وتقنين العلاقات البينية بهذه المؤسسة الاجتماعية أمر يلزم فيه التريث، والتشاور، والرأي من زوايا نظر مختلفة، فباختلاف زوايا النظر ترتقي عقول البشر، لكن شرط مراعاة جوهر الأمر وهو كون هوية المجتمع المغربي خطّاً أحمر.
- تجاوز المشاركة الخجولة للجامعات المغربية، وانخراط هذه الأخيرة بشكل كبير وفعال في النقاش الدائر حول ورش إصلاح المدونة، من خلال تكثيف الندوات والحوار المجتمعي والمحاضرات واستضافة خبراء “حقيقيين”، وليس انتقاء نفس الوجوه والأصوات ومن نفس التيارات السياسية والإيديولوجية، وإقصاء وجهات نظر أخرى.
المراجع والمصادر:
- القرآن الكريم.
- تفسير القرآن الكريم لابن كثير. مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود، منشور بموقع جامعة الملك سعود على الرابط التالي: https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura4-aya11.html
- خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش 2022، منشور على الرابط التالي: https://www.maroc.ma/ar/
- بلاغ الديوان الملكي وفيه تعليمات ملكية للحكومة للبدء في ورش إصلاح مدونة الأسرة، بتاريخ 26 شتنبر 2023 https://www.cg.gov.ma/ar/node/11420.
- مدونة الأسرة المغربية لسنة 2004.
- ماي السعدني وباسل جمالي، مقال بعنوان: المدونة: عشرون عاماً تقريباً على صدور قانون الأسرة في المغرب“، منشور على موقع معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، بتاريخ 20 دجنبر 2023، تمّ الاطلاع عليه بتاريخ 20 يناير 2024، رابط المقال: https://timep.org/post-arabic//
- محمد ماموني العلوي، مقال بعنوان: “حملة إلكترونية مضللة تستهدف التعديلات المنتظرة على مدونة الأسرة في المغرب: منظمات حقوقية تحذّر من عملية تشويش ممنهجة لورش الإصلاح“، منشور بتاريخ 04-10-2023، على موقع صحيفة العرب اللندنية، تمّ الاطلاع عليه بتاريخ 20-01-2024، رابط المقال: https://alarab.co.uk/
- تقرير بعنوان: “استطلاع: المطالبة بإجراء “تغيير شامل” على مدونة الأسرة تقسم المغاربة“. منشور على موقع هسبريس، بتاريخ 20 دجنبر 2023، تمّ الاطلاع عليه بتاريخ 20 يناير 2024، رابط المقال:https://www.hespress.com/
- أمال كنين، مقال بعنوان: “أحزاب تستطلع آراء المغاربة لصياغة التعديلات المرتقبة على مدونة الأسرة”، منشور على موقع هسبريس بتاريخ 23-08-2023، تمّ الاطلاع عليه بتاريخ 20-01-2024، رابط المقال: https://www.hespress.com/
- محمد ماموني العلوي، مقال بعنوان: “إقبال متزايد على تعدد الزوجات في المغرب”، منشور بتاريخ 08-07-2023، على موقع صحيفة العرب اللندنية، تمّ الاطّلاع عليه بتاريخ 21-01-2024، رابط المقال: https://alarab.news/
- أمال كنين، مقال منشور على موقع هسبريس بتاريخ 13-02-2023، بعنوان: “الجدل يتواصل حول “المرجعية الإسلامية” في تعديل مدونة الأسرة بالمغرب”، منشور على الرابط التالي: https://www.hespress.com/
[1] – راجع النص الكامل لخطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش 2022، منشور على الرابط التالي: https://www.maroc.ma/ar/%D8%B5%D8%A7%D8%AD%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3-%D9%8A%D9%88%D8%AC%D9%87-%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A9-%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%8A%D8%AF/%D8%A3%D9%86%D8%B4%D8%B7%D8%A9-%D9%85%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9
[2] – بلاغ الديوان الملكي وفيه تعليمات ملكية للحكومة للبدء في ورش إصلاح مدونة الأسرة، https://www.cg.gov.ma/ar/node/11420
[3] – ماي السعدني وباسل جمالي، مقال بعنوان: “المدونة: عشرون عاماً تقريباً على صدور قانون الأسرة في المغرب“، منشور على موقع معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، بتاريخ 20 دجنبر 2023، تمّ الاطلاع عليه بتاريخ 20 يناير 2024، رابط المقال: https://timep.org/post-arabic/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D9%88%D9%86-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%8B%D8%A7-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D9%8B%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B5%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D9%82/
[4] – نفس المصدر.
[5] – نفس المصدر.
[6] – الآية 11 من سورة النساء: “يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظّ الأنثيين“.
[7] – مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود، منشور بموقع جامعة الملك سعود على الرابط التالي: https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura4-aya11.html
[8] – أمال كنين، مقال منشور على موقع هسبريس بتاريخ 13-02-2023، بعنوان: “الجدل يتواصل حول “المرجعية الإسلامية” في تعديل مدونة الأسرة بالمغرب”، منشور على الرابط التالي: https://www.hespress.com/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D9%8A%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AC%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-1122181.html
[9] – مدونة الأسرة المغربية لسنة 2004.
[10] – نفس المرجع.
[11] – ماي السعدني وباسل جمالي، مصدر سابق.
[12] – محمد ماموني العلوي، مقال بعنوان: ” إقبال متزايد على تعدد الزوجات في المغرب”، منشور بتاريخ 08-07-2023، على موقع صحيفة العرب اللندنية، تمّ الاطّلاع عليه بتاريخ 21-01-2024، رابط المقال: https://alarab.news/%D8%A5%D9%82%D8%A8%D8%A7%D9%84-%D9%85%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D9%8A%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%AC%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8
[13] – محمد ماموني العلوي، مقال بعنوان: “حملة إلكترونية مضللة تستهدف التعديلات المنتظرة على مدونة الأسرة في المغرب: منظمات حقوقية تحذّر من عملية تشويش ممنهجة لورش الإصلاح”، منشور بتاريخ 04-10-2023، على موقع صحيفة العرب اللندنية، تمّ الاطلاع عليه بتاريخ 20-01-2024، رابط المقال: https://alarab.co.uk/%D8%AD%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B6%D9%84%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%B8%D8%B1%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8
[14] – أمال كنين، مقال بعنوان: “أحزاب تستطلع آراء المغاربة لصياغة التعديلات المرتقبة على مدونة الأسرة”، منشور على موقع هسبريس بتاريخ 23-08-2023،تمّ الاطلاع عليه بتاريخ 20-01-2024، رابط المقال: https://www.hespress.com/%D8%A3%D8%AD%D8%B2%D8%A7%D8%A8-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%B7%D9%84%D8%B9-%D8%A2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D9%84%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D8%BA%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA-1215536.html