تعدد الزوجات بين الجواز والحظر.

تعدد الزوجات بين الجواز والحظر.
د. مولاي عمر صوصي (جامعة القرويين – فاس). مريم خاليد (جامعة شعيب الدكالي – الجديدة).
ملخص:
يعتبر هذا بحثا صغير في موضوع كبير، كثر فيه الرأي والرأي الآخر، إنه تعدد الزوجات، وهو موضوع هام وحساس اشتد حوله الجدل كثيراً، ومازال وسيبقى إلى ما شاء الله، فهو من القضايا الهامَّةِ التي تُميِّزُ المجتمعاتِ الإسلاميةَ، والفكرَ الإسلامي، وهو من المسائل التي شرعَهَا اللهُ تعالى كعلاج لضرورة، وحدَّدَهَا في كتابهِ الكريم بشروطٍ تحفظُ للمرأةِ كرامتَها وحقوقَها، وتصونُ للمجتمعِ سلامتَهُ وإنسانيّتَهُ.
الكلمات المفاتيح: تعدد الزوجات- الجواز- الحظر- مدونة الأسرة المغربية- الشريعة الإسلامية.
ملخص:
كان العرب قبل الإسلام يعددون ، والأمم الأخرى كانت تعدد، ولكنه كان تعدداً بغير قيد ولا شرط ولا تحديد بعدد ولا ضابط معروف حتى جاء في أسفار العهد القديم أن داود عليه السلام كان له مئة زوجة من الحرائر ومئتان من الجواري، وأن ابنه سليمان عليه السلام كان له ثلاثمائة من الزوجات الحرائر وسبعمائة من الإماء، والعرب كانوا يتزوجون العشرات من النساء ولا حرج عليهم، ويتزوج القادر والعاجز والعادل والظالم، فجاء الإسلام وكما هو شأنه دائماً أنه يأتي إلى الأشياء التي كانت في الجاهلية، فأحياناً يحذفها تماماً ويلغيها إذا كانت ضارة مثل شرب الخمر، ويحرمها تماماً مثل الربا، وأحياناً يدخل عليها بعض التعديلات، فهنا أدخل تعديلات على قضية تعدد الزوجات فجعل هناك حداً أقصى هو الأربعة (مثنى وثلاث ورباع) وبشروط تجعل إباحته في النهاية حالة استثنائية أو علاج لضرورة لها مبرراتها وضماناتها في الوقت نفسه.
الكلمات المفتاحية: التعدد – الجواز – الحظر.
Polygamy between permissibility and prohibition.
Dr. Moulay Omar Soussi (Al-Qarawiyyin University – Fez).
Maryam Khalid (Chouaib Doukkali University – El Jadida).
Abstract:
Being linked to Eastern Islamic societies is not something that Islam invented. Rather, it came and the world at that time enumerated. The Arabs enumerated, and other nations enumerated, but it was an enumeration without any restrictions or conditions and no specification of a number or a known control until it was mentioned in the books of the Old Testament that David, peace be upon him, had a hundred One of the free women and two hundred female slaves, and that his son Suleiman, peace be upon him, had three hundred free wives and seven hundred female slaves. The Arabs used to marry dozens of women and there was no blame on them, and the able and the incapable, the just and the unjust, were married. So Islam came, and as it always does, it comes to the things that were In pre-Islamic times, he sometimes deleted it completely and abolished it if it was harmful, such as drinking alcohol, and forbade it completely, like usury, and sometimes he introduced some amendments to it. Here, he introduced amendments to the issue of polygamy, making there a maximum of four (two, three, and four) and with conditions that made its permissibility in the end an exceptional case. Or a treatment for a necessity that has justifications and guarantees at the same time.
Keywords: polygamy – permissibility – prohibition.
مقدمة:
إن الشريعة الإسلامية لم تجعل نظام تعدد الزوجات فرضاً لازما على الرجل المسلم، ولا أوجبت على المرأة وأهلها أن يقبلوا الزواج برجل له زوجة أو أكثر، بل أعطت الشريعة المرأة وأهلها الحق في القبول إذا وجدوا أن هذا الزواج منفعة ومصلحة لابنتهم أو الرفض إذا كان الأمر على العكس من ذلك.
لكنّ تطبيقَ هذا الحكمِ الإلهيِّ عَبرَ التاريخ، خرجَ في معظمِ حالاتِه، عن مُرادِ اللهِ تعالى في الغايةِ من تشريعِه، ليتحوَّلَ إلى جاهليّةٍ قَبَلِيَّةٍ تَلبَسُ ثوبَ الدين.
فهذه الورقة البحثية تهدف إلى دراسة “مسألة تعدد الزوجات بين الحظر والجواز” لعرض – بشكل من الاقتضاب – حجج المانعين والمجيزين.
وقد قسمنا بحثنا هذا إلى مبحثين، المبحث الأول نتناول فيه أدلة المجيزين لتعدد الزوجات، والمبحث الثاني تحت عنوان: أدلة المانعين للتعدد ثم نعلق على ذلك بتركيب وخاتمة.
المبحث الأول: حجج مناصري إباحة التعدد
جدير بالذكر بداية أن جمهور علماء المسلمين أباح تعدد الزوجات بشكل مطلق، استنادًا لقوله عز وجل: ﴿فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ﴾ ﴿سورة النساء، الآية 3﴾، وإن جاء ذلك مقيدًا استنباطا من الآية نفسها بشرطين:
أولهما: “العدل والإنصاف”، وهو العدل في الأمور الظاهرية مثل: النفقة والمبيت والتمريض وحسن العشرة، مما لا يُفرق به بين شريفة ووضعية، وغنية وفقيرة. أما الأمور القلبية، فلا حرج على الزوج فيها استنادًا إلى حديث عائشة قَالَتْ: (“كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ، وَيَقُولُ: ” اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلا أَمْلِكُ”) [1].
ثانيهما: القدرة على النفقة عليهن، وعلى من يعول ممن تجب نفقتهم عليه، لقوله تعالى: “ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ”. فإذا تزوج شخص بثانية أو ثالثة أو رابعة مع فقد الشرطين أو أحدهما، كان العقد صحيحًا، وإن كان آثمًا يحاسب على ظلمه وجوره وعدم عدله؛ لأن الشرطين ليسا من شروط صحة الزواج. ولذا أمر الله بالاقتصار على الزوجة الواحدة، ما دام الزوج يعلم أنه غير قادر في نفسه على العدل بين زوجاته، وعدم ظلم أي منهن [2].
ويزيد البعض شرطًا ثالثًا -خاصة العلماء المحدثين- هو: أن تدعو للتعدد حاجة ملحة، كــ “عقم الزوجة” ورغبة الزوج في الإنجاب. ويشترط أن تكون هذه الشروط كلها مجتمعة مراعاة في إباحة التعدد، ولا يكفي شرط واحد منها في إباحة التعدد.
ومن الفقهاء أيضا من وضع مبررات وحججا أخرى لجواز التعدد نذكر أبرزها : إن بعض الناس يتزوج المرأة ويجد أنها تطول عندها فترة الحيض، وهو رجل شبق شديد الغريزة، شهوته قوية جداً، يريد أن يظل في دائرة الحلال ولا يريد أن يرتكب الحرام، ، فهذا يسمح له أن يتزوج بدل أن يفكر في الحرام، قد تمرض المرأة عند الرجل ولا يستطيع الاستمتاع بها، فلا يطلقها وإنما يبقيها حفظا للعهد والود أو مخافة إلحاق الضرر بها إذا تخلى عنها خاصة مع حاجتها وقلة حيلتها وفقد أهلها فيتزوج عليها أخرى ربما تراعيها وتراعي شؤونه، قد يجد امرأته عقيماً، ظلت عنده سنة أو اثنتين أو ثلاثة أو أربع ولم تنجب، وهو شديد الرغبة في الإنجاب فلا مانع أن يتزوج أخرى لينجب منها، فهذه مبررات فردية عند بعض الرجال…
وهناك أحياناً مبررات اجتماعية عامة، كما إذا زاد عدد النساء على عدد الرجال خاصة بعد الغزو أو الحرب عموما، أو أن معظم الذين يتعرضون لحوادث الشغل الموت على إثرها هم الرجال أو القابعين في السجن، ماذا تفعل في العدد الزائد من النساء، فلابد أن يكون هناك حل وخصوصاً إذا راعينا أن عدد الصالحات للزواج من النساء أكثر دائماً من عدد القادرين على الزواج من الرجال، فحتى لو فرض أن العدد متساو تجد دائماً أنه ليس كل رجل قادر على الزواج ولكن كل امرأة بالغة صالحة لأن تتزوج، فدائماً عدد النساء يفيض عن عدد الرجال.
وهناك من قال: إن من استطاع أن يتزوج أربعا وقام بحقهن فلا حرج عليه في ذلك، بل ذلك أفضل له إذا استطاع ذلك؛ لما في ذلك من المصالح من عفة فرجه وغض بصره وتكثير الأمة وتكثير النسل الذي قد ينفع الله به الأمة وقد يعبد الله ويدعو لوالديه فيحصل لهم بذلك الخير العظيم. ولو لا أنه أمر مطلوب وأمر مشروع وفيه مصالح جمة لما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، فهو أفضل الناس وخير الناس وأحرصهم على كل خير عليه الصلاة والسلام، وقد جعل الله في تزوجه بالعدد الكثير من النساء مصالح كثيرة في تبليغ الدعوة ونشر الإسلام من طريق النساء ومن طريق الرجال، فإذا تزوج المؤمن اثنتين أو ثلاثا أو أربعا لمصالح شرعية لأنه يحتاج إلى ذلك أو لقصد تكثير الأولاد أو لقصد كمال العفة وكمال غض البصر؛ لأنه قد وقد جعل الله في تزوجه بالعدد الكثير من النساء مصالح كثيرة في تبليغ الدعوة ونشر الإسلام من طريق النساء ومن طريق ، وقد لا تكفيه الواحدة أو الاثنتان أو الثلاث فكل هذا أمر مطلوب شرعي. ولا يجوز لأي مسلم ولا لأي مسلمة الاعتراض على ذلك، ولا يجوز انتقاد ذلك، ولا يجوز لأي إذاعة ولا أي تلفاز أن ينشر ما يعارض ذلك، بل يجب على جميع وسائل الإعلام أن تقف عند حدها، وليس لها أن تنكر هذا الأمر المشروع، ولا يجوز لمن يقوم على وسائل الإعلام أن ينشر مقالا لمن يعترض على ذلك لا في الوسائل المقروءة ولا في الوسائل المسموعة ولا في الوسائل المرئية، بل يجب على وزراء الإعلام في الدول الإسلامية أن يحذروا ذلك، وأن يتقوا الله وأن يبتعدوا عما حرم الله -عز وجل-، وهل يرضى مسلم أن تبقى النساء عوانس في البيوت والإنسان يستطيع أن يأخذ اثنتين وثلاثا وأربعا؟! هذا لا يجوز أن يفعله مسلم أو أن يراه مسلم يخاف الله ويرجوه، وهل يجوز لمسلمة تخاف الله وترجوه أن تنكر ذلك؟”[3]
المبحث الثاني: أدلة المانعين للتعدد
يذهب بعض المجددين إلى أن الله إذا أباح تعدد الزوجات، فإنه شرع منعه؛ لأنه عادة قبلية، لها أضرارها المحققة على المجتمع. فنبّه أغلبهم إلى تغير الواقع الحالي وما يطرحه من صعوبات عن الواقع الذي نزلت فيه الآية الثالثة من سورة النساء، التي يعتمدها الفقهاء ممن شرعوا لتعدد الزوجات.
فبحسب عبد المتعال الصعيدي، فإن الإسلام أعطى تعدد الزوجات حكم الإباحة؛ ليتصرف المسلمون فيه في كل زمان ومكان بحسب المصلحة، فيأخذوا به إذا اقتضت مصلحتهم، أو يكفوا عنه إذا اقتضت مصلحتهم أن يكفوا عنه [4]. فيكون الأمر موكل للحاكم حسب المصلحة الآنية للمجتمع.
ويُعتبر رفاعة الطهطاوي من أوائل الذين حملوا راية منع تعدد الزوجات، وإن لم يكن قد وقف من هذا الموضوع أكثر المواقف تقدمًا، إلا أنه كان رائدًا في تقدمه واستنارته فيقول: “وندب ألا يزيد على امرأة من غير حاجة ظاهرة” ووافق على مقولة أحد الحكماء: “من الجزم ألا يغتر الرجل بما تظهره له المرأة من عدم غيرتها، والرضى بأن يتزوج عليها”، ودلل بموقف الشيخ عبد العزيز الدريني -أحد الصوفية-، والذي يقول: إياك أن تتزوج على امرأتك، أو تتسرى عليها، إلا إن وطنت نفسك على نكد الدهر” ووصف الشيخ تجربته قائلا:[5]
تزوجت اثنتين لفرط جهلي …. وقد حاز البلا زوج اثنتين
فقلت أصير بينهما خروفاً … أنعم بين أكرم نعجتين
فصرت كنعجة تضئ وتمسي … تداول بين أخبث ذئبتين
رضا هذي يهيج سخط هذي … فما أعرى من أحدي السخطتين
وألقى في المعيشة كلّ ضرّ … كذاك الضّرّ بين الضرتين
ثم يأتي الإمام محمد عبده وهو من علماء الأزهر بمصر ورائد نهضة الفكر الإسلامي الحديث ليقدم طرحًا أكثر استنارة في فتواه حول “تعدد الزوجات”، ويبيّن أسباب التحريم الدينية، والأضرار المجتمعية لتعدد الزوجات فيقول: وأما جواز إبطال عادة تعدد الزوجات فمن عدة أوجه:
أولا: لأن شرط التعدد هو التحقق من العدل، وهذا الشرط مفقود حتمًا، فإن وجد في واحد في المليون فلا يصح أن يُتخذ قاعدة، ومتى غلب الفساد على النفوس، وصار من المرجح ألا يعدل الرجال في زوجاتهم جاز للحاكم أن يمنع التعدد أو العالم أن يمنع التعدد مطلقًا مراعاة للأغلب.
ثانيا: قد غلب سوء معاملة الرجال لزوجاتهم عند التعدد، وحرمانهن من حقوقهن في النفقة والراحة، ولهذا يجوز للحاكم وللقائم على الشرع أن يمنع التعدد دفعًا للفساد الغالب.
ثالثا: قد ظهر أن منشأ الفساد والعداوة بين الأولاد هو اختلاف أمهاتهم، فإن كل واحد منهم يتربى على بُغض الآخر وكراهته، فلا يبلغ الأولاد أشدهم إلا وقد صار كل منهم من أشد الأعداء للآخر، ويستمر النزاع بينهم إلى أن يخربوا بيوتهم بأيدهم وأيدي الظالمين، ويخلص من كل هذا إلى أنه يجوز للحاكم أو لصاحب الدين أن يمنع تعدد الزوجات والجواري صيانة للبيوت عن الفساد [6].
ويذهب الشيخ محمد عبده إلى أبعد من ذلك فيقول: ويجوز الحجر على الأزواج عمومًا أن يتزوجوا غير واحدة، إلا لضرورة تثبت لدى القاضي، ولا مانع من ذلك في الدين البتة، وإنما يمنع ذلك العادة فقط[7]. ولا يعذر رجل تزوج أكثر من امرأة إلا في حالة الضرورة المطلقة كــ (مرض يمنع تأدية الحقوق الزوجية، أو عقم) في غير هذه الأحوال: يكون “تعدد الزوجات” حيلة شرعية لقضاء شهوة بهيمية، وهو علامة تدل على فساد الأخلاق واختلال الحواس وشره في طلب اللذائذ.[8]
أما علال الفاسي من علماء القرويين بالمغرب يرى أن أغلبية المسلمين استعملوا التعدد في غير موضعه الشرعي ويقول : ولكي لا نطيل بالإشارة للأحداث التاريخية التي نتجت عن تعدد الزوجات يمكننا أن نكتفي بتوجيه نظر إخواننا لما هو واقع في العالم الإسلامي كله اليوم، وفي المغرب بالخصوص، من استهتار بشؤون العائلة ومن حوادث مخربة لها لم يكن مصدرها غير العبث باستعمال الرجال لفكرة التعدد؛ فكم عائلات هدمت، وكم ورثة حرموا وكم أولاد منعوا من عطف آبائهم مراعاة للزوجة الثانية، وكم حوادث قتل وتسميم وقعت وكم أنواع من الزور ارتكبت لتقلب فئة من الأبناء على إخوانهم، وكم من أولاد ربوا خارج ديار آبائهم. إن كل واحد منا يستحضر أنواعا من هذه الأمثلة المؤلمة، خصوصا وأن الأغلبية الساحقة من الذين يعددون كلهم في الفقراء والمعوزين وضعفاء الأجسام.
إن كل سبب من هذه الأسباب يوازي السبب الصريح المذكور في القرآن وهو الخوف من أكل أموال اليتامى، فإذا كان التعدد ممنوعا خوفاً من أن يؤدي لغصب حق اليتيم فأحرى به أن يكون ممنوعاً إذا كان يؤدي لغصب أولاد الصلب نفسه حقهم أو إلى إزالة المودة التي وضعها الله رحمة للعائلة ورابطة بين الأب وابنه وأقرب الناس إليه. ولذلك أرى أن تعدد الزوجات يجب أن يمنع في العصر الحاضر منعاً باتا عن طريق الحكومة، لأن الوجدان وحده لا يكفي اليوم لمنع الناس منه [9](..).
فإذا أضيف لهذا السبب الداخلي سبب آخر، وهو ظلم الإسلام نفسه، فإن الباعث على المنع يكون أولويا. وقد أصبح سوء استعمالنا للتعدد مدخلاً لكثير من أعداء الإسلام الذين يتخذونه حجة على ديننا فيحول بينهم وبين فهم الدعوة الإسلامية، بل يتجاوزهم إلى داخل الأوساط الإسلامية نفسها، فيصبح المسلمون والمسلمات عرضة للتشكك في سلامة الدين الذي يبيح التعدد في نظرهم، وليس كل الناس فقهاء ولا كل الناس قادرين على إدراك الإصلاح القرآني في شأن المرأة نفسها. فمصلحة الدعوة الإسلامية تقضي بمنع التعدد في هذا العصر ([10]..
إنني أقرر الرأي بكامل الاطمئنان النفسي الذي يمليه علي إيماني بأن شريعة الإسلام صالحة لكل زمان ومكان، ورجائي أن يكون في هذه الاعتبارات التي أبديتها ما يحقق تطبيق مبدأ الإصلاح الإسلامي بمنع التعدد مطلقا في هذا العصر، إقامة للعدل، وتقديرا للمرأة، وحماية للإسلام.”[11]
ويرى محمود محمد طه المفكر السوداني الإسلامي أن السنة جاءت بتحديد العدل في قوله ﴿فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة﴾ فأصبح (العدل) قاصراً على العدل في القسمة متجاوزاً عن ميل القلوب، وقد جاءت السنة بهذا التقييد للتعدد من قوله تعالى ﴿ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم… فلا تميلوا كل الميل﴾ وإنما تجاوز عن بعض الميل ليجعل شريعة التعدد ممكنة، وهي شريعة كانت ضرورية لذلك الوقت، والتجاوز عن بعض الميل أخذاً بأخف الضررين، وهو يستقيم في المرحلة ولا يستقيم عند التمام، وأن قوله ﴿فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة﴾ يصبح قولاً حاسماً في النهي عن التعدد، ذلك أن العدل في مستوى الأصل ينتقل من عدل القسمة إلى عدل الميل القلبي ولا مشاحة في أن القلب لن يعدل بين أثنين فلم يبق إلا واحدة ، أما بالنسبة للمرأة المعاصرة المؤهلة للمساواة التامة مع الرجل فإن العدل لا يقوم بالقسمة الظاهرية وإنما يشمل حتى ميل القلب لأنها كفء للرجل فيجب أن يعاملها بالتساوي معه، وفى هذا المستوى فإن التعدد لا يمكن لأن ميل القلب لا يتم بالقسط إلا مع الواحدة، وهذا التطور الذي حدث للمرأة وللمجتمع هو الذي أتى بزواج الواحدة وألغى التعدد، وهكذا يشرع في تحريم التعدد إلا لدى ضرورات بعينها تلجأ إليه وينصّ عليها القانون ويستأمر فيها الطرف المضرور بها [12].
ويقدم عبد العزيز باشا فهمي رؤية أكثر تقدمية إلى أن الإسلام حرم تعدد الزوجات، ولم يشرع إباحة التعدد مُطلقا، وأن الآية الثالثة في سورة النساء ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا.
هذه الآية في ظنه ليست مسوقة لتحديد عدد الزوجات مُطلقًا، بل هي مسوقة بالذات وبالقصد الأول إلى التضييق على المخاطبين في نكاح من تحت حُجرهم من اليتيمات، مع تبكيتهم؛ لعدم انصرافهم عن هذا المنكر من تلقاء أنفسهم، والحال أنهم يرون أن لهم مندوحة عنه، وأن شفاء شهواتهم ورغباتهم ميسور التحقق لهم من غير تلك السبيل الآثمة الخطرة، وكل متذوق يعلم كم في التعبير بهذه الكيفية من الهزؤ والسخرية بالمخاطبين من جهة إبرازه أمام نظرهم صورة تكاد تكون مجسمة لتعاميهم عن إدراك ما هو في متناول يدهم عفوًا صفوًا لا إثم فيه، وارتكابهم ذلك الإثم الذي هم في غنى عن ارتكابه.
ويؤكد أن الكلام في هذه الآية وسابقتها من السورة مسوق لتحقيق فضيلة العدل في المعاملة. فأشار في أولاهما إلى ما كان حاصلا من أكل المخاطبين أموال اليتامى الذين في ولايتهم، ومن العبث بها، وقد أمرهم باجتناب هذا العبث، وعدم التورط فيه؛ لأنه إثم عظيم.
ولما كان بعض اليتامى إناثًا في حجر المخاطبين، ولهن أموال تحت يدهم، وكان من عاداتهم السيئة أنهم يتخذون هؤلاء اليتامى زوجات لهم، ويمسكونهن هن وأموالهن ضرارًا، وكان هذا أشنع مظهر من مظاهر أكل مال اليتامى، فتتميمًا لفكرة تحقيق العدل التي في الآية الثانية من السورة، وتثبيتًا لها أشار في الآية الثالثة إلى هذا المنكر، فكأنه يقول لهم: إذا فهمتم قولي في الآية السابقة، وعلمتم أن أكل مال اليتامى مطلقًا –من ذكور وإناث- إثم كبير فلا تتذرعوا إلى هذا العبث بنكاح اليتيمات اللاتي في حجوركم، بل تعففوا عن نكاحهن المفضي بكم إلى أكل أموالهن، ولديكم ممن تستطيبونهن من غيرهن من النساء كثيرات، تستطيعون أن تنكحوا منهن ما تشاءون، ولا واحدة ولا اثنين بعد أخرى ولا ثلاثًا واحدة بعد الاثنتين الأوليين، بل حتى مثنى وثلاث ورابع، أي: جزافًا بلا حساب ولا عدد، ولأن عبارة الآية “مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ” _لا تفيد التعدد كما فهم المخالفين-بل أتت بكل ما في العربية من ألفاظ الصفات العددية التوزيعية. إذ ليس في العربية “خماس” ولا ما يليها، وخلاصة ما قاله ثقات اللغويين المختصين أنه ورد فيها لفظ “عشار” سماعًا فقط، ولكنه من الشذوذ[13].
ويمكن الاستدلال بموقف الرسول حينما علم بأمر خطبة الإمام عليّ، وسَمِعَتْ بِذَلِكَ السيدة فَاطِمَةُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَتْ يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ، أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ” [14] . وفي رواية أخرى: “إِنَّمَا ابْنَتِي بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا” [15]
وإذا كان الله قد عرّف الزواج كما قال: “وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً”. فتعدد الزوجات ينافي ما جاء في الآية الكريمة من المودة والرحمة الناشئة بين الزوجين – في رأي قاسم أمين- من العادات القديمة التي كانت مألوفة عند ظهور الإسلام، ومنتشرة في جميع الأنحاء يوم كانت المرأة في مرتبة ما بين الإنسان والحيوان، وهو من ضمن العادات التي دل الاختبار التاريخي على أنها تتبع حال المرأة في الهيئة الاجتماعية، فتكون في الأمة غالبة عندما تكون حال المرأة فيه منحطة، وتقل أو تزول بالمرة عندما تكون حالها مرتقية، إلا إذا كان التعدد لأسباب خاصة قضت به عند بعض الأفراد فتقدر بقدرها، ومن المروءة أن يتحمل الرجل ما قد تُصاب به المرأة من العلل، كما تتحمل هي ما عساه أن يصيبه من العلل، ونستطيع أن نقول إن تعدد الزوجات يعتبر احتقارًا شديدًا من قدر المرأة [16] .
إن تعدد الزوجات عادة أقرب إلى القبيلة منها إلى الإسلام، تُرسخ بعض القيم السلبية في المجتمعات التي تنتشر فيها، لأنها تُكرس النفاق الاجتماعي، والشقاق والبغض والكره الأسري، أكثر مما تؤدي إلى الصدق مع النفس أو إلى الترابط الأسري فضلا عن المجتمعي [17].
لم يشترط الله عز وجل لإباحة التعدد سوى الأمن من الجور، فإذا أساء الناس في استخدام التعدد ولم يلتزموا بما أوجبه الله من عدل فترتب عن ذلك مفاسد اجتماعية ودينية وخلقية كثيرة، وكانت المفسدة هي الغالبة فتعطى حكم المفسدة العامة أي أنه إن كانت مفسدة التعديد غالبة تعطى حكم المفسدة العامة، لأن معظم من يعدد لا يعدل في أولاده وزيجاته، وأن التعديد في هذا العصر صعب وطريقه وعرة، ليس فقط لان المرأة أصبحت مثقفة وتطالب بحقوقها وتشعر باستقلاليتها، وإنما أيضا لان الأطفال يضيعون. فلا أحد ينكر أن التربية مركبة ومعقدة في المجتمع العصري، فلا مانع من تقييد المباح لأسباب مقنعة، طالما أن فيه مصلحة أكبر أو تقليلاً لمضار كثيرة على النساء أو أطفالهن، فيتم التقييد بضوابط معينة بحيث لا يتم تعميم المنع، لأن هناك من الرجال والنساء من يكون التعدد في مصلحتهم، لأنهم راعوا ضوابطه الشرعية، وبالتالي لا يجوز منعهم من التعدد، فالمباح لا يمارس إلا مقيداً، من الأكل إلى البيع كل مباح لا يمارس إلا مقيداً شرعا أو اختياراً، فالاحتجاج مثلاً بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا﴾ لا يمنع من تقييد هذا المباح الوارد في النص، فلا يعقل أن يقال لإنسان: “لما تحرم ما احل الله لك؟!” لأنه منع نفسه من تناول أغذية معينة في إطار حمية ما، فقد منع منها نفسه ولم يحرمها، أو أن نقول بأن الدولة مثلا حرمت ما أحل الله لأنها منعت استيراد مادة غذائية معينة ومنعت وجودها في الأسواق واستهلاكها لأسباب اقتصادية خاصة، أو أنها حرمت ما أحل الله لأنها قيدت أو منعت شكل معين من أشكال التجارة بغذاء. وهذا ما بينته كثير من السوابق الدالة على بطلان القول بأن تقييد المباح بنص هو تحريم لما أحل الله، من ذلك مثلاً ما ورد عن النبي من انه نهى في أحد الأعوام عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث لوجود الجوع ذلك العام، فلما حال الحول عادوا وسألوه فقال حسب ما وردنا: ((كلوا وادَّخروا، إنما نهيتكم من أجل الدافَّة التي جاءت المدينة)) فهو في الأولى قد نهاهم عن مباح بنص، ومنه أيضاً منع عمر رضي الله عنه لعدد من الصحابة مغادرة المدينة لما رأى ان في مغادرتهم ما يضر بالصالح العام رغم أن ذلك مما أباحه لهم النص صراحة في قوله تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ (الملك: 15) ومما أثر عنه أيضا منعه للزواج من الكتابيات لم يشمل العفيفة المشهورة بعفتها وأخلاقها، فالتقييد هنا للمباح يكون بقدر المرض الاجتماعي أو العلة الموجودة، وبالتالي فإن تقييد عمر بن الخطاب لهذا الأمر ليس على سبيل المنع أو التحريم، لكن على سبيل اختيار الأفضل، بدليل أن «حذيفة وطلحة»، وهما من كبار الصحابة، خالفاه وتزوجا بكتابيات ولم يعاقبهما على المخالفة.
وقد كتب عمر في البداية إلى حذيفة الذي تزوج بيهودية: خَلِّ سبيلها. فكتب إليه حذيفة: أتزعم أنها حرام فأخَلِّي سبيلها؟ فقال عمر: لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن.
والقول بأن تقييد تعدد الزوجات تعد على ما فرض الله في كتابه، فالله عز وجل لم يفرض تعدد الزوجات وإنما أباحه، وإباحة مثنى وثلاث ورباع، مقيداً كذلك بشرط العدل، فلا بد ابتداء من التمييز بين الفرض والمباح، فما فرض الله لا يقيد بينما يجوز تقييد ما أباح وفق ضوابط محددة لا على الإطلاق، كذلك جاءت الإباحة مقيدة أصلاً للعدد أي إن اتجاه التشريع هو للتقييد وليس الإباحة، تماماً كما كان اتجاه التشريع الإلهي في الرقيق، حيث بدأ بتقييد ذلك النظام الاجتماعي المتخلف وشرع للحد منه والتشجيع على نبذه سواء بسواء كحاله مع التعدد الذي جعل له حد أعلى هو أربعة ثم اشترط العدل وانتهى للقول: ﴿….فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَ﴾(النساء: 3) وكذلك قال في موضع آخر: ﴿ وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ (النساء: 129﴾ .
لكننا نعتقد أن الذي يتحدث عن التعدد ويدعو له على أنه إحياء للسنة إنما يخاطر بدينه وعقله وبدنه ، فمن ذا يخالف ويجادل في أن التعدد في هذا العصر وفي دولة عصرية أصعب بكثير في مجتمع تقليدي، فالذين أباحوا تعدد الزوجات ذهبوا إلى أن التعدد ليس أصلا لبناء الأسرة المسلمة، ولا قاعدة يجب التزامها على كل رجل، ولا مكرمة ينبغي أن يشتمل عليها كل بيت من المسلمين، بل هو رخصة شرعها الله؛ ليلج إليها من تُلجئه الضرورة، أو تدفعه الحاجة، ويلوذ بها من تضيق به حياة الزوجة الواحدة، ويُقدم عليها من يجد نفسه مضطرًا لارتكاب أخف الضررين، وسلوك أيسر السبيلين . [18]
يقول الشيخ يوسف القرضاوي: “قال العلماء: يكره لمن له زوجة تعفه وتكفيه أن يتزوج عليها، لما فيه من تعريض نفسه للمحرم، قال تعالى: “وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ”. وقال النبي: “إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ، فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ” [19].
أما من كان عاجزاً عن الإنفاق على الزوجة الثانية، أو كان يخشى من نفسه ألا يعدل بين زوجتيه “فحرام” عليه أن يقدم على الزواج من الأخرى؛ لقوله تعالى: “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً” [20]
لكن نعتقد أن من باب السياسة الشرعية، وإعمالاً لقاعدة سد الذرائع، لا مانع من بحث هذا الأمر، وتكييفه بما يتناسب ومقتضيات العصر، فللدولة أن تسن القوانين، وتضع التعليمات اللازمة لفكرة التعدد، بناء على قدرة الرجل المالية والجسدية والنفسية، ولها ألا تترك الأمر هكذا على الإطلاق لمريدي التعدد، حتى ولو عاد التعدد بالضرر على الأسرتين، وهدم الأسر، وضياع الأطفال، وحصول نشوز الزوجة الأولى وإهمالها، مما يتسبب في أضرار قد تفوق المصالح المجتلبة من الزواج. كما أن مفهوم الأسرة في حد ذاته قد شهد تطوراً بالغاً، بحكم تغير الواقع وتطور مكانة المرأة ودورها داخل الأسرة والمجتمع، فطبيعة التحولات التوعوية والاقتصادية التي تمر بها مجتمعاتنا نحو القيم المدنية نسبيا – رغم استمرار سيادة الفكر الذكوري – قد اضطرتنا رجالاً ونساء لإعادة النظر في بنية الأسرة وأدوارها غير البيولوجية، رغم أنها المبرر الرئيس للزواج نفسه؛ هذه الأسرة المتحولة بدورها نحو التركيز على نجاحها في أدوارها الاجتماعية والثقافية، انطلاقا من تغير مكانة الزوجة، وارتفاع حجم مشاركتها، وتمكنها من التربية والإدارة الاقتصادية للأسرة، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الزواج، وتأخر سن المقبلين عليه من الجنسين ، أما الشريحة التي تتعرض للعنوسة فهذه الشريحة تكون أصلا غير مرغوبة للزواج الأول، فكيف تكون محفزاً للثاني؟ والزعم بأن العنوسة تبرر التعدد، فالأصل في المجتمعات التوازن بين عدد الذكور وعدد الإناث ومشكلة العنوسة لا تخص الإناث دون الذكور فهي مشكلة للجنسين، والزعم بأن تشجيع تعدد الزوجات سيؤدي للحد من مشكلة العنوسة زعم خاطئ، لأنه في واقع الأمر سيفاقم المشكلة، سيؤدي إلى زيادة تكاليف الزواج على الذكور وكذلك ارتفاع نسبة العنوسة بين الذكور، والصواب الدعوة لمكافحة عنوسة الجنسيين بطرق أخرى كالعمل على تحديد تكاليف الزواج والمعيشة وتحسين معدلات الدخل، وتحسين منظومة الأمن الاجتماعي…الخ
تركيب:
نعتقد أنه إذا تعارض التطبيق مع غايات الشريعة أو بعض الأحكام الثابتة يتيح لولي الأمر الأخذ بأولى الأمرين في التطبيق، من ذلك مثلاً لا حصراً أن الله أباح أكل الطيبات جميعاً: ﴿كلوا من طيبات ما رزقناكم﴾ وقد يأتي الطبيب كولي أمر في حالات مخصوصة فيمنع المريض من أكل غذاء معين لأنه سيؤدي إلى هلاكه هنا غلب الطبيب الغاية الشرعية الأعلى “حفظ النفس” فقيد المباح، ومنه أيضاً لو أن الدقيق شح في المجتمع فتدخلت الدولة وقيدت استهلاك الفرد من الدقيق بحصة معينة فهنا الدولة قيدت مباحاً لأنها إن لم تفعل سيستهلك البعض الكثير من الدقيق بما يفضي لهلاك البعض الآخر لشح الدقيق أو اختفائه من الأسواق، وفي الآية التي تبيح التعدد شرط واضح هو “العدل” ولا يجوز الدفع بالزعم أن العدل مما لا يجوز وضع التشريعات الموجبة لضمانه فمادام مما اشترط الله جاز أن يجتهد ولي الأمر لضمان تحقيق شرطه وهو الأولى، كذلك الأمر بالإيفاء بالعقود لقوله سبحانه :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾ (المائدة:1) فإذا ضُمِّنَ الشرط في عقد النكاح صار ملزماً. فالتقييد أو الإلزام مرتبط بظرف ملجئ إليه فهو ليس إلغاء أو تعديل للتشريع الإلهي الأصلي، وإنما مرتبط بالظرف الذي ألجأنا إليه، فهنا لا يتم تغليط الأصل وهو الإباحة وإنما تقييده مبرراً بما ألجأنا إليه، من ذلك الأمثلة التي سبق بيانها.
كما أن التطور التاريخي للمجتمع كان باتجاه تقييد تعدد الزوجات شأنه في ذلك شأن تقييد الرق بل ومنعه، فمن الجدير بالتأمل انتشار ما بات يعرفه المجتمع التونسي لاحقاً ب”الصداق القيرواني” في المجتمع الأندلسي، وهو عقد زواج يحمي المرأة من تعدد الزوجات ومن التَّسرِّي بالجواري أيضاً وكان هذا النوع واسع الانتشار في بلاد الأندلس، ولعل أشهر مثال على ذلك النوع من الزواج زواج المعز لدين الله الفاطمي بامرأة تونسية، لكن توقُّف المجتمع عن التطور وما حاق ببلاد العرب من تخلف واحتلال واتّباع كان سبباً في وقف هذا الاتجاه التطوري للتشريعات عموماً وليس فقط لتشريعات الأحوال الشخصية، حتى عاد الاستقلال وظهرت معه حركات تدعي أنها تدعو إلى تطبيق شرع الله فيما هي داعية إلى تطبيق رؤية مجتمعية تاريخية معينة للشريعة وهنا جوهر مشكلتنا.
كما أن نص الاباحة جاء لغاية أفصح عنها النص نفسه وهي العدل في اليتامى، قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ، وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾ (النساء: 3)، وانك لتلحظ هنا أن أنصار تثبيت التعدد يوردون الآية مبتورة فيبدؤون ب {فانكحوا…} ويتجاهلون عن عمد وقصد صدر الآية وفيه العلة: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ …﴾، كذلك يتجاهلون أن التطور الاجتماعي التاريخي أسقط ملك اليمين ﴿…أو ما ملكت أيمانكم…﴾ قال في غير موضع أيضا: ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ﴾ ولنا أن نتخيل ماذا لو أن التشريع اليوم عاد فسمح ببيع الجواري والتسري بملك اليمين، وبالمناسبة فالشاري لا علاقة له بسبب تحول تلك المرأة إلى جارية طالما أنه اشتراها بعقد صحيح وأنها لا تملك ما تؤكد به حريتها، إن القضاء المبرم على الرق جاء في القوانين المعاصرة ويمكن إدراجه تحت باب “تقييد المباح”، فلا شك أبداً أن الرق كان مباحاً وأن التسري بملك اليمين مباح بالنص، ولا شك أيضاً أن حركة الشد العكسي ضد التطور الاجتماعي التاريخي احتجت وقتها ضد الاتجاه لمنع الرق بأن ذلك “تحريم لما أحل الله” فهل نسي من جاء يحتج ظلماً بعدم جواز تقييد المباح الذي ورد نص بإباحته ، أن ملك اليمين مما ورد النص صريحاً بإباحته؟! فهل حرم المشرع الوضعي ما أحله الله عندما منع الرق بقانون؟! أفلا تعقلون أفلا تتعلمون؟! أم أنهم يحلمون بيوم يعيدون به الرق إلى هذا العالم؟! أليست هذه عقلية تشد العالم إلى الوراء عنوة لو استطاعت؟! والمشكلة أنها تفعل ذلك باسم الله والله عز وجل بريء من ذلك.
إن العدل وتحقيق مصالح المجتمع وضمان تطوره وتقدمه وازدهاره ورفاه أفراده وخيرهم في معاشهم وآخرتهم هو غاية الشارع الأعظم، فالعدل أعظم صفات الله سبحانه بعد الوحدانية وأعظم غايات شريعته، و بناء عليه فإني أرى أنه من الأفضل ضبط التعدد في حالات مخصصة محددة، ولأسباب موضحة بدقة وبالقانون لأن في ذلك دفع لفساد في المجتمع واستغلال للفقر والعوز، وفتنة للمرأة في دينها ودنياها وقهر وظلم لها، فما أكثر من يستخدمون رخصة التعدد للممارسة زواج هو للدعارة اقرب منه لأي شيء آخر، كذلك نرى أن يشترط عند كتابة عقد النكاح سؤال المرأة من قبل كاتب العقد إن كانت ترغب في تضمين العقد الشرط على زوجها أن لا يتزوج عليها، وذلك ضماناً لمعرفتها بحق من حقوقها ولها بعد ذلك إن شاءت أن لا تفعل ذلك. لعل أشهرها ما فعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين قيّد حكم إباحة الزواج من الكتابيات ومنع كبار الصحابة وأهل القدوة فيهم من الزواج من الكتابيات، حتى لا يقتدي المسلمون بهم في ذلك، خاصة أنه رأى تضرر النساء المسلمات من كثرة الزيجات من الكتابياتً، مع أن القاعدة العامة في ظل الظروف العادية أن الزواج بالكتابيات حلال، حيث قال تعالى:﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾( آية 5 سورة المائدة) .
كما يجب أيضا أن تكون الحالة الملجئة لتقييد المباح في تعدد الزوجات واقعاً حقيقياً وليس مفتعلاً، لهذا ينبغي على أهل العلم الشرعي والاجتماعي قبل الحكم بجواز تقييد المباح أن يتأكدوا من صدق الحالات والواقع الذي سيتم الإفتاء على أساسه، خاصة إذا كانت نتيجة ذلك أن كان وليُّ الأمر سيـلزم الناس به، وأن يلتزم بذلك الحكام أنفسهم مثل بقية الرعية، حتى لا تكون لهم هذه الميزة عن بقية الشعب، لأنهم بمثابة القدوة للرعية ،كما فعل شيخ الإسلام العز بن عبد السلام، حين أراد ولاة الأمر في عصره فرض ضرائب على الناس زائدة عن زكاة أموالهم لمواجهة نفقات المواجهة مع التتار، فرفض إصدار فتوى بذلك حتى يُخرِج الأمراء المماليك ما في أيديهم وأيدي جنودهم من أموال أخذوها من بيت المال ،فلما قاموا ولم يكف لنفقات جهاد التتار أصدر الفتوى بجواز أخذ مال زائد عن الزكاة من الأغنياء كحالة مؤقتة وليست دائمة مرتبطة بظرف معين أدى إليها، وبالتالي يكون هذا التقييد للمباح مؤقتاً بقدر الاحتياج إليه ، أو انتهاء الأسباب المؤدية إليه، أو زوال الضرورة التي جعلت ولي الأمر يفعل هذا.
خاتمة:
إننا بني البشر غالباً نبحث عن مبررات لتصرفاتنا وقناعاتنا فالذين يرغبون في التعدد دون قيود يقولون ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع﴾، أما الذين لا يميلون لذلك فسدوا المنافذ بقوله: ﴿ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم﴾ وقسم ثالث آثر السلامة بقوله تعالى: ﴿وان خفتم الا تعدلوا فواحدة..﴾.
لذا، نرى أن مسألةُ تعدّدِ الزوجات، شرعَهَا اللهُ تعالى كحلٍ لبعضِ المشكلاتِ، وحدَّدَهَا في كتابهِ الكريم بشروطٍ تحفظُ للمرأةِ كرامتَها وحقوقَها، وتصونُ للمجتمعِ سلامتَهُ وإنسانيّتَهُ لكنّ تطبيقَ هذا الحكمِ الإلهيِّ عَبرَ التاريخ، خرجَ في معظمِ حالاتِه، عن مُرادِ اللهِ تعالى في الغايةِ من تشريعِه، ليتحوَّلَ إلى جاهليّةٍ تَلبَسُ ثوبَ الدين، فَتُظلَمُ المرأةُ بشكلٍ خاصٍّ، والمجتمعُ بشكلٍ عامٍّ، وذلك من زاويتين اثنتين:
-ظلمٌ ناتجٌ عن بعضِ الموروثات الاجتماعيّةِ الظالمة، التي لا تلتزمُ بشرطِ العدلِ الذي بيّنَهُ اللهُ تعالى لتعدّدِ الزوجات، وكأنّ التعدّدَ مُباحٌ دونَ أيِّ شرطٍ ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء : 3]، فحين اختفاء شرطِ العدلِ يُصبحُ التعدّدُ مُحرَّماً.
– ظلمٌ ناتجٌ عن عدمِ إدراكِ وتطبيقِ دلالاتِ الآيةِ الكريمةِ الوحيدةِ التي تُبيحُ التعدّدَ، وذلك كونُ عبارةِ إباحةِ التعدّدِ الوحيدةِ في كتاب الله تعالى، تأتي جملةَ جوابِ شرطٍ ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ (النساء: 3)، فقد تمّت إباحةُ التعدّدِ – عَبر التاريخ – دونَ أيِّ اعتبارٍ لهذه المسألة.
كما أن تعدد الزوجات يصطدم بقوة العرف الاجتماعي السائد في بلادنا، الذي لا يتسامح مع الزواج الثاني، إلا باعتباره ضرورة قد يدفع إليها مرض الزوجة، وعدم قدرتها على القيام بالواجبات الزوجية، لكنه لا يتقبل فكرة الزواج الثاني للرجل، مع نهوض زوجته بأعباء الزوجية، وتمتعها باللياقة العقلية والجسدية.
ويبدو أن التعدد لا محل له في عصر اقتحمت فيه المرأة سوق العمل، وبلغت مستويات غير مسبوقة في العمل السياسي والاجتماعي، ولم تعد هناك حواجز تفصلها عن ممارسة نفس الأدوار القيادية التي يمارسها الرجل، بصورة بات معها التعدد أمرا يتنافى وأبسط حقوقها الإنسانية كشريك كامل في كل شئون الحياة.
لكن على كل إنسان يفكر بالتعدد ان يكون لديه المبرر المقنع ويعلم انه مقدم على خطوة ليست بالسهلة اليسيرة، فسوف يترتب عليه أعباء مالية وتربوية من الإشراف على أكثر من أسرة ومتابعة أولاده بشكل مستمر وعليه أن يتحلى بالصبر وسعة الصدر لما هو متوقع من غيرة طبيعية بين النساء، والأهم من كل ذلك العدل والمساواة بين الزوجات والأولاد سراً وعلانية، ومع هذا تبقى التساؤلات حول هذا الموضوع تحتاج البحث عن أجوبة لها مثل: هل التعدد مشكلة أم حل؟ وهل المشكلة في التعدد أم المعدد؟ وهل هو غاية أم وسيلة؟
قائمة المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم برواية ورش مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.
- التفسير الكبير الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل دار الكتب العلمية ببيروت سنة النشر: 2004م – 1425هـ ست مجلدات.
- تعدد الزوجات بين حقائق التنزيل وافتراءات التضليل المؤلف: محمود محمد غريب: من علماء الأزهر الشريف والموجه الديني لشباب جامعة القاهرة الناشر: دار القلم للتراث – القاهرة الطبعة: الثانية – 1423 هـ – 2004 م.
- محمد عمارة، الأعمال الكاملة، لــ” رفاعة رافع الطهطاوي، دار الشروق، مكتبة الأسرة، القاهرة، 2010م، 2/535.
- عبد المجيد الشرفي، مرجعيات الإسلام السياسي، التنوير، ط الأولى بيروت، 2014م.
- أحمد علي طه ريان، تعدد الزوجات ومعيار تحقق العدالة بينهن في الشريعة الإسلامية، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط الأولى، 2013م.
- عبد المتعال الصعيدي، نعم نملك تحريم تعدد الزوجات، مجلة الرسالة عدد 770.
- محمد عمارة، الأعمال الكاملة، للإمام الشيخ محمد عبده، في الكتابات الاجتماعية، فتوى تعدد الزوجات، دار الشروق، مكتبة الأسرة، القاهرة، ط الثانية، 2009م. 2/ 92.
- مكتبة الاستاذ محمود محمد طه بموقع سودانيز اونلاين http://www.sudaneseonline.co
- تعدد الزوجات في الأديان لكرم حلمي فرحات، الناشر: دار الآفاق العربية.
- النقد الذاتي لعلال الفاسي الطبعة الاولى، المطبعة العالمية 1952
- المرأة المسلمة بين تحرير القرآن وتقييد الفقهاء لجمال البنا، الناشر: دار الفكر الاسلامي.
- مجلة جامعة بابل، العلوم الإنسانية المجلد 23_العدد:3 :2015.
التفسير الميسر المؤلف: نخبة من أساتذة التفسير الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة
- المصحف الشريف – السعودية الطبعة: الثانية، مزيدة ومنقحة، 1430هـ – 2009 م.
- أحمد علي طه ريان، تعدد الزوجات ومعيار تحقق العدالة بينهن في الشريعة الإسلامية، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط الأولى، 2013م.
- عبد المجيد الشرفي، مرجعيات الإسلام السياسي، التنوير، ط الأولى بيروت، 2014م.
————————————–
[1] – أخرجه الترمذي في سننه.
[2] http://www.binbaz.org.sa
[3] عبد المتعال الصعيدي، نعم نملك تحريم تعدد الزوجات، مجلة الرسالة عدد 770.
[4] محمد عمارة، الأعمال الكاملة، لــ” رفاعة رافع الطهطاوي، 2/535.
[5] محمد عمارة، الأعمال الكاملة، للإمام الشيخ محمد عبده، في الكتابات الاجتماعية، فتوى تعدد الزوجات. 2/ 92.
[6] نفس المصدر السابق 2- 92
[7] المصدر نفسه 2-85
[8] النقد الذاتي ص274 و275 .
[9] المصدر نفسه ص 276
[10] نفس المصدر ص 278
[11] مكتبة الاستاذ محمود محمد طه بموقع سودانيز اونلاين http://www.sudaneseonline.com
[12] عبد العزيز باشا فهمي، تحريم تعدد الزوجات. القاهرة، د.ت، ص27.
[13] أخرجه البخاري في صحيحه.
[14] أخرجه أبو داود في سننه.
[15] محمد عمارة، الأعمال الكاملة، لـــ “قاسم أمين”، تحرير المرأة، تعدد الزوجات، دار الشروق، 2008م، ص393.
[16] عبد المجيد الشرفي، مرجعيات الإسلام السياسي، التنوير، ص48.
[17] أحمد علي طه ريان، تعدد الزوجات ومعيار تحقق العدالة بينهن في الشريعة الإسلامية ص56
[18] أخرجه الترمذي في سننه.
[19] يوسف القرضاوي، تعدد الزوجات http://www.qaradawi.net