نقاش تعديل مدونة الأسرة المغربية بين تحدّي الاستجابة لتغيرات المجتمع “الحديث”، ورهان الحفاظ على المرجعية الإسلامية.

تستمدّ مدوّنة الأسرة المغربية مكانتها داخل المجتمع المغربي، من أنّها تقنّن حياتهم وعلاقاتهم الأسرية، وما يزيد من أهميتها أنّ جلّ موضوعاتها منظّمة بنصوص دينية قرآنية أو مأخوذة من السنة النبوية، وبعضها من اجتهادات الفقه الإسلامي المالكي. من هنا فأيّ تعديل أو نقاش يطال المدونة ككلّ أو بعض موادّها، يجلب الكثير من الاهتمام، على المستوى الشعبي، الإعلامي، الفقهي، وحتى على المستوى السياسي والقانوني، وبين النخب الفكرية والمثقفة من مختلف التيارات. البعض يطالب بالتطبيق التامّ والكامل والحرفي لنصوص الدين، وجعلها قوانين كما هي في النصوص، والبعض الآخر يرى ضرورة احترام النصوص الدينية مع ملحاحية تكييفها مع مقتضيات وضرورات العصر، والركون إلى الاجتهاد الفقهي، وأخيراً فريق آخر يرى ضرورة فصل حياة الناس عن الدين بشكل تامّ، كامل وقطعي. في حين أنّ الدولة المغربية في شخص أعلى هرمها، وهو ملك محمد السادس باعتباره أمير المؤمنين، صرّح في خطاب له بمناسبة عيد العرش سنة 2022، على أنّه لن يحلّ حراماً أو يحرّم حلالاً. من هنا نحاول في هذا المقال إبراز الجدلية التي تطرحها هذه التعديلات المراد إنجازها في مارس 2024، حيث يطرح السؤال الاستشكالي أو لنقل المفارقة بين ضرورة تفعيل الاجتهاد الفقهي من الناحية الشرعية لتلائم المدونة حاجيات الناس في هذا العصر، وإشكالية وجود تقييدات قانونية على أمور أباحها الشرع الإسلامي مثل رخصة تعدّد الزوجات.

حق الزوجة في الثروة المكتسبة مدة العلاقة الزوجية على ضوء فتوى ابن عرضون ومتغيرات العصر.

تأتي هذه الورقة البحثية محاولة لترجيح القول في مسألة “حق الزوجة في الثروة المكتسبة مدة العلاقة الزوجية”التي لطالما أسالت الكثير من المداد، وشغلت الباحثينمن الفقهاء والحقوقيين؛ ابتداء من بيان فتوى ابن عرضون وموقف الفقهاء منها، ثم مناقشة الفتوى وموقف المؤيدين والمعارضين لها، وانتهاء بترجيح القول فيها مع مناقشة إمكانية العمل بها على ضوء التحولات الاجتماعية المعاصرة، وفق أصول المذهب المالكي وقواعده؛ بما يحقق مقاصد الشرع في حماية مصلحة المرأة خاصة، ومصلحة الأسرة عامة.

تعدد الزوجات بين الجواز والحظر.

يعتبر هذا بحثا صغير في موضوع كبير، كثر فيه الرأي والرأي الآخر، إنه تعدد الزوجات، وهو موضوع هام وحساس اشتد حوله الجدل كثيراً، ومازال وسيبقى إلى ما شاء الله، فهو من القضايا الهامَّةِ التي تُميِّزُ المجتمعاتِ الإسلاميةَ، والفكرَ الإسلامي، وهو من المسائل التي شرعَهَا اللهُ تعالى كعلاج لضرورة، وحدَّدَهَا في كتابهِ الكريم بشروطٍ تحفظُ للمرأةِ كرامتَها وحقوقَها، وتصونُ للمجتمعِ سلامتَهُ وإنسانيّتَهُ.

الأسرة وسؤال القيم

الحديث عن الأسرة حديث عن مؤسسة ولدت مع ولادة الإنسان، واستمرت معه في مختلف مراحل وحقب التاريخ، خلافا لباقي مؤسسات المجتمع التي ارتبط وجودها بأسباب وعوامل كانت السبب في بقائها أو زوالها، فقد وجدت الأسرة في مختلف المجتمعات رغم اختلاف دياناتها وتوجهاتها، حيث كانت وما زالت القاسم المشترك فيها رغم التحولات التي طالت بنيتها ووظيفتها وشبكة علاقاتها. وهذه الدراسة ستحاول سبر أغوار مسألة القيم ومدى تفاعلها داخل مؤسسة الأسرة.